علاقة الجمال بالإبداع

علاقة الجمال بالإبداع
بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة دائرة المرأة العالمية في نيويورك موضوع رقم ( 5 ن 7 م 89 ك 2) حقوق النشر محفوظة

المراد بالجمال هو التزين في الصورة المادية أو الوصول إلى التكامل في ناحية الوجود كما يطلق الجمال على العلم والعقل والنفس والروح فالجمال له اطلاق عام و لا يتحدد بالجانب المادي هو المنصرف إليه بدوا، وإنما الجمال يقسم إلى نوعين:
1 ـ الجمال الصوري (العرضي ).
2 ـ الجمال الحقيقي (الجوهري ).
أمّا المراد بالجمال الصوري فيشمل الفن والحضارة والطبيعة والجسم الإنساني
عندما يصل إلى مرحلة التكامل في الخلقة، وهذا ما أشار إليه القرآن بقوله تعالى « فتبارك اللّه‏ أحسن الخالقين»، وذلك عندما استدرج اللّه‏ سير الإنسان من النطفة إلى العقلية إلى المضغة إلى أن كسي اللحم والعظم فأصبح إنسانا سويا، هذا هو الجمال إن قصد به الهيئة الجسمانية أو يراد بالجمال هو المجمع بين المادة والروح وأيضا يكون الإنسان ذلك الجامع بين الخط المادي والخط الروحي، وعليه يكون الجمال الصوري محل التغيير والتبديل لأنّ جماله ناشئ من الأمور العرضية المفارقة ببط‏ء كما هو الحال في جمال الشباب وزواله بالنسبة إلى الشيخوخة فإنّ جمال الشباب له من الروعة والافتتان فإذا استمر به الزمن أخذ بالانقباض والتجعد في الجسم.. وهكذا في مثل ازدهار الوردة في جمالها الفتان تأخذ شيئا فشيئا إلى الانقراض ويكون بحسب الميزان العلمي البيولوجي تآكل في الخلايا وقهر بعضها البعض فيوجب بذلك ضعفا في الجسم.
وأمّا بيان الجمال الحقيقي فيراد به الحصول على التكامل والانتقال من مرحلة القوة إلى مرحلة الفعلية كما هو الحال في الوصول إلى نضوج القوة العاقلة فإنه عندما يستدرج الطفل إلى الشباب ثم إلى الشيخوخة يأخذ العقل بدور النضوج من حيث الخبرة والثقافة الكسبية فيكون جماله بالوصول إلى مرحلة التكامل العقلي والثقافي ويكون أنس الإنسان بما ازدادت نفسه في الارتقاء إلى تلك المقامات العالية من العلم والفضل وقوة العقل ويكون بذلك وجود مفارقة بين الجمال الصوري لعدم احتفاظه بجودة الشيء وبين الجمال الحقيقي لإبقاءه على جوهر الشيء.
وعلينا لابدّ من دراسة الجمال من منطلق المفهوم العام فهو ما يعم الجمال المادي والمعنون وإن كان التركيز عليه في الجانب المعنوي أكثر لما يبتنى فيه على جوهر الشيء بما له البقاء؛ ولذا فإنّ العرفاء ينظرون إلى جمال النفس وأنها لا تموت بموت البدن؛ ولذا يقول (ابن سينا) أنّ النفس لا تموت بموت البدن، ولا تقبل الفساد أصلاً.
أمّا أنها لا تموت بموت البدن فلأنّ كل شيء يفسد بفساد شيء آخر فهو متعلق به نوعا من التعلق وكل تعلق بشيء نوعا من التعلق فإمّا أن يكون تعلقه به تعلق
المكافئ في الوجود وإمّا أن يكون تعلقه به تعلق المتأخر عنه في الوجود، وإمّا أن يكون تعلقه به تعلق المتقدم عليه في الوجود الذي هو قبله بالذات لا بالزمان .
ولكن الملاحظ من (أرسطو) فإنّ أول ما يلاحظ على نظرية الفن عنده أنه لم يضع نظرية الجمال وإنما اقتصر فقط على اعطاء فكرة عن الفن وفرق كبير بين فكرة الجمال وبين نظرية الفن (فإفلاطون) وممن تبعه أيضا (كافلوطين) يقدم لنا فكرة عن الجمال فيبين لنا ما هو الجمال وما ماهيته وكيف يتحقق وما هي الأحوال التي يجب فيها أن يتحقق وما شروطه وما خصائصه وما المميزات التي تحدد طبيعة الجميل.
وأمّا (أرسطو) فإنه يقدم لنا أنه فكرة عن الأبحاث وإنما يهتم فقط بالبحث في الفن بمعنى الإبداع أو الانتاج أو النشاط أي إظهار شيء في الخارج وفي الحالة الاولى أي في حالة نظرية فكرة الجمال لا يشترط مطلقا أن يعرف الإنسان شيئا ما عن الفنون المختلفة فقد يضع كل فكرة الجمال ويحدد ماهية الجميل دون أن يعرف شيئا عن الموسيقى أو التصوير أو النحت إلى غير ذلك من الفنون الجميلة.
أمّا الذي يكتب نظرية في الفن فعليه أن يدرس هذه الفنون كما هي متحققة في الآثار الفنية ثم يخرج منها بحكم وصفي على طبيعتها وإذا كان (أرسطو) له يضع لنا شيئا في فكرة (المنطقي ) أو ما هو وراء الطبيعة فهو كذلك لم يضع لنا شيئا عن فكرة الجميل.
وقد كان (أرسطو) ينظر إلى الجميل باعتباره وجودا لا باعتباره موجودا، فهذه التفرقة بين وجود الموجود وبين الموجود تنطبق على نظرية الجميل عند أرسطو فإنه نظر إلى الجميل باعتباره موجودا لموجود لا باعتباره موجودا قائما بالذات .
والذي يبدو من (أرسطو) أنه قد جعل علاقة بين الفن بما أنه أحد مصاديق الجمال وبعين ذلك جعل الوحدة فيما بين الفن والإبداع بينما حقيقة الإبداع صفة قائمة في ذات المبدع تنتزع من خلال الوجود الخارجي عند احداث الشيء الجميل خارجا بغض النظر عن مصاديق الجمال أو اختلاف أطواره وأحواله.

وأمّا على مبنى أصالة الوجود فإنّ الجمال في الوجود بما أنه ينعكس على الموجود يعطي سمة الجمال للموجود من خلال ترشحه على الماهية وتجسيده بالموجود الخارجي وليس الجمال قائما بالأصالة على الماهية فإنّ ذلك مما ينافي ما عليها حقيقتها من اللااقتضاء وحملها على الظلمة في جهة التحديدات فبالوجود عند اضافته على الموجود يوجب الاشراق والنورانية وهذا يعكس ما عليه وجود الماهية والقول بأصالتها فإنه يوجب بها الظلمة وعدم النورانية فكيف تتسم بالجمال وهي حاوية للظلمة وبذلك يمكن أن يقع الجمال تحت مظلة العلوم.
1 ـ الجمال العرفاني.
2 ـ الجمال الفلسفي.
3 ـ الجمال الفني.
4 ـ الجمال التشكيلي.
5 ـ الجمال الحضاري.
ثم أنه يتضح من هذا العرض أن موضوع الجمال مع الإبداع وإن كان هناك نسبة التساوي فيما بين الجمال والإبداع بلحاظ الحمل الشائع وإن كان الاختلاف بينهما بلحاظ الحمل الأولي، هذا مع واقع الجمال يرتبط بالابداع الجمالي من حيث حقيقة الشيء سواء كان أمرا عرضيا أو أمرا ذاتيا، ولكن صفة الإبداع تعطي حقيقة التجدد، وهذا غير موضوع النضارة في وجود الشيء.

المصدر بحث رقم ( 105 ) اية الله ال شبير الخاقاني تحقيق الدكتور الشيخ سجاد الشمري

فعلا الجمال جمال الروح والعقل وشكرا لمشاركتك

» علاقة الورد بالانثى