كان يعيش في قرية جميلة وكان لديه أخت جميلة صغيره
ينبع منها الجمال والبراءة
وكان دائما يلاعبها ويحملها على ظهره بعد أن يربطها حوله بشريط قماشي جميل
أما والده فكان يعمل في الأسطول البحري بتلك البلدة
وكانوا يتمتعون بعيش رغيد وسعادة وافره
وأما ربة ذلك البيت المسلم والتي هي أمهم كانت عطوفة حنونا
لكنها كانت تعاني مرضا في قلبها
وتتناول الدواء بانتظام <
ولم يكن يكدر صفو تلك الأسرة السعيدة شيء أبدا
كانوا يصلون في المسجد ويقرءون الكتب الجميلة
وكانوا يسيرون في حياتهم سيرا هنيئا
ولم تنتهي أحداث هذه القصة بعد
بل هي البداية فقط
لقد حصل أمر وخطب هائل
لا ليس في الأسرة تلك
بل حدث ذلك الأمر بتلك المدينة كاملة
لقد هجم عليهم الأعداء ودوت صافرات الإنذار تملأ أرجاء تلك المدينة
ويا لحال تلك الأسرة المسكينة التي أصابها الذعر حينما سمعت تلك الأصوات المخيفة
ولكن تلك الأصوات تلاشت بعد برهة من الزمن وعم الهدوء
أمنت تلك الأسرة وهجعت إلى نوم عميق بعد رعب وذعر أخافها وكدر صفوا من أيامها
ولم يكتمل هنائهم بالنوم عده ساعات فدوت أصوات تلك الإنذارات مرة أخرى
واخذ الجنود والشرطة يوجهون الناس إلى ملجأ يلجئون إليه
لماذا
لأنه قد بدأ قصف القنابل جوا
كان الأب ما يزال في الأسطول فهو يغيب هناك الاسابيع والشهور والشهور
أما تلك الأم المريضة وذلك الأخ والأخت الصغيرة
فكانوا في المنزل
وقامت الأسرة فزعه مذعورة وربط الأخ أخته الصغيرة على ظهره واخذ يجري إلى الملجأ
بعد أن سقطت قذائف نحو بيت جيرانهم وما حولهم
وبقيت الأم في المنزل تجمع أمتعتها لكي تلحق الملجأ وعندما أمسكت بالدواء
بووووووووووووووووووووووووووووووم
سقطت تلك القذيفة على ذلك المنزل أحرقته
وتوقف مع تلك القذيفة القصف لذلك اليوم
وخرج الناس من الملجأ
وهنا شخص يبكي وهناك يصيح
والطفلة الصغيرة مذعورة تبكي وتقول أريد أمي
اخذ الأخ الأكبر يعطيها الحلوى ويدور بها يمنه ويسره
وهم يشاهدون في طريقهم الجريح والمحرق والمقتول المنازل المهد ومه وغير ذلك
وانشغلوا بالنظر والبحث والتفرج
ودوى صوت الإنذارات فجأة معلنا عودة القصف الجوى ومعلنا نكبه جديده
اخذ الأخ يجري بأخته وهو لا يعلم أين يذهبان وكل ما ذهبا من طريق اعترضته قذيفة أو حريق
وجرى إلى شاطئ البحر وهناك وجدا مكان آمنا
فجلسا فيه حتى انتهى ذلك القصف اليومي والذي يتكرر مرات عد يده في نفس اليوم
ورجع الأخ إلى الملجأ يبحث عن أمه بعد أن وجد منزلهم متهدم محروق
بحث عنها يمنه ويسره فلم يجدها
وفجأة ناده طبيب الحي وقال له
أين كنت
لقد بحثنا عنك في كل مكان ولم نجدك
قال ما الأمر قال تعال معي
كان الملجأ عبارة عن مدرسه قديمه بالحي لها ثلاث طوابق
صعد الطبيب ومعه الأخ الأكبر إلى الدور الثالث
وفتح الطبيب درجا وأعطى الأخ خاتم أمه
نظر الأخ إلى الخاتم
وبكى
لكن الطبيب قال له تعال خلفي
ومشى إلى أن وصل غرفه من الغرف
فنظر الأخ إلى جسد يتنفس ملفوف بالشاش والقطن والضمادات
فقال الطبيب لقد أصابتها حروق خطيرة
ولا بد من نقلها إلى المستشفى
لكن كيف ولا يوجد سيارات ولا طرق
بسبب القصف
تذكر الأخ شيئا مهما
وقال للطبيب
إن أمي مريضه بالقلب
فهل أعطيتموها الدواء
قال الطبيب لم نجد أي دواء
فقد أحرقت جميع المستشفيات والمرافق بالقذائف
وبعد ساعات طوال جاءت سياره لنقل المصابين إلى المستشفى العام في البلدة والت تبعد خمس ساعات
وفي الطريق انتقلت الأم إلى رحمه الله
بكى الأخ ولم يخبر أخته بل أخذ يلاعبها ويداعبها حتى تنسى
ولم تتوعد تلك الطفلة البريئة ألا ترى أمها اكثر من ثلاث ساعات فأخذت تبكي وتصرخ وتصيح
حتى أصابها النوم
وفي النوم تصيح وتحلم بأمها والأخ يكتم بكاءه في قلبه
إلى أن أتى الصباح وذهب الأخ إلى منزل لعمة له في قرية مجاوره مع أخته الصغيرة
بعد أن أرسل رسائل كثيرة إلى والده يخبره فيها بما حصل
وبكل الأوضاع ولكن لا جواب
ولم يكن حال تلك العمة افضل حالا هي وزوجها من هذه الأسرة
فقد كان اثر الحرب والقصف المتتالي على الاقتصاد أثرا سيئا
واطرت العمة إلى بيع الملابس للعيش ولشراء الطعام
وكل يوم يمر هو أسوأ من ذي قبل
فيقل الطعام
حتى انه أطرت العمة إلى بيع ملابس أم تلك الأسرة التي فارقت الحياة وكل ما نجا
من ذلك البيت
وتكرر بكاء الطفلة ليلا ونهارا على أمها تريد أن تراها
لكن كيف تراها وهي لم تعد في هذه الحياة
ويبكي الأخ الأكبر بكاء مرا ليلا بعد أن تنام أخته
والهم يملا قلبه
كيف يعيش ما ذا يصنع أين أباه
ضاقت العمة بهما وضاق زوجها
وطردتهم بسبب ضيق العيش وخوف الموت
واخذ الطعام الذي مع الأخ والأخت ينفذ شيئا فشيئا
حتى انتهى الطعام
وذهب الصبي إلى البنك متذكرا نقود والده المودعة هناك
وأخذها من البنك بعد إلحاح شديد وانفرجت أساريره على انه سيطعم أخته الجائعة
ولكن فرحته لم تكتمل فلقد كان أحد الرجال يتحدث مع رجل آخر عن دمار الأسطول البحري وانه لم ينجو من ذلك الأسطول سفينة واحدة ولا رجل واحد
فصرخ الأخ صرخة مدوية في البنك
وامسك بالرجل من تلابيبه ورقبته
وقال قل غير هذا أنت كاذب أنت وأنت وأنت
امسكه عساكر البنك وطردوه هو ونقود والده جميعا
وامسك بأخته وضمها وهو يبكي والأخت تسأله ما بك آخي
سكن الأخ مع أخته الصغيرة التي لم تتجاوز الثلاث سنوات بكوخ صغير امام نهر صغير
واشترى طعاما وأخذا يأكلان منه بقله
حتى نحلت أجسامهم وحتى نفذ ما معهم
وذهب الأخ إلى بستان مجاور واستأذن صاحبه أن بأخذ شيئا من البطاطا فأذن له وتكرر ذلك خمسة أيام
وفي نهاية الأمر منعهما لما وجد من الجوع
وقلة الطعام والمال
وجلس الأخ مع أخته ليلتين لم يأكلا والأخت تصرخ مع الجوع وهي تبكي
وذهب إلى البستان وحاول أن يسرق ويهرب من شده الجوع فامسكه صاحبه وضربه ضربا مبرحا أخذه إلى الشرطة
وأخته تصرخ من الجوع
وبعد محاولات مع الظابط افرج عنه
بعد ما أقنعه انه أراد أن يطعم أخته الجائعة
ورجع إلى الكهف ولم يجد أخته
ووجد شيطها ساقط على الأرض
فأخذ يبحث عنها وهو يصيح ويبكي
وأخيرا وجدها ملقاة على الأرض من الجوع والتعب
فامسكها واحتضنها واخذ يبكي فقالت أخي من ضربك أنت جريح
فأخذ يبكي
وهو يهدئها وقال قريبا أخذك لامي
فقالت أمي في القبر عمتي قالت لي ذلك
فبكى الأخ وقالت الطفلة ألا يمكن أن ترجع أمي من القبر يا أخي
فقال لها لا
وهو يبكي وقلبه يحترق ألما وجوعا وتعبا
وذهب يبحث عن طعام وصار يأكل هو وأخته الأعشاب
فوجعت بطن أخته الصغيرة
فذهبا إلى الطبيب فقال من الطعام الملوث واعطيكما الدواء بثمنه
فقال ليس لنا نقود
فطردهم من المستشفى والطفلة تبكي والأخ يبكي
وهو يلعن الحرب ويصيح من الألم والجوع
وصار يدخل البيوت أثناء القصف ويأخذ ما بها من طعام وقماش حتى يبيعها ويجلب الطعام له ولا أخته الصغيرة
وهو في حال من شده الجوع والناس في حال آخر من القصف
وذات يوم تأخر على أخته بالطعام
فرجع وهي مغميا عليها من الجوع والمرض والنحالة
وكان معه طعام شهيا
لكن شاهد الطين والتراب في فم أخته فعرف أنها أكلت الطين
فبكى وأجهش في البكاء
وفتحت الأخت عينيها الصغيرتين الذابلة
وقالت أخي
أخي أخي
فقال لها مفرحا لها أحضرت الطعام لك
واخذ يضمها لكنها لم تفتح بكلمه
فلقد أسكتها الجوع والمرض
ووضع في فمها بعض البطيخ وجعلها تمسكه بيدها
لكنها كانت آخر لقمه لها فلم تفتح فمها
أو عينها بعد ذلك
وكانت تلك آخر لقمه تضعها في فمه
وكانت تلك آخر لقمه تضعها في فمها
لقد
لقد
ماتت هذه الطفلة الصغيرة
ماتت
وليس لها أي ذنب أو دراية بما حصل
فقدت أمها وأباها
وفقدت الطعام
ثم فقدت نفسها
أنها طفلة مسلمة
دمرت حياتها وحياة أسرتها الحرب
ولم تفعل شيئا أن كل ذنبها هي وقومها انهم كانوا مسلمين
يعبدون الله
هذه قصه واحدة
من آلاف القصص التي يعنيها
المسلمون المشردون بسبب الحرب
لماذا لأنهم يعبدون الله
إخواني ابذلوا لهم أموالكم
ودعائكم
وكونوا معهم
واقلعوا عن الترف والنعيم
فيحص لكم مثل ما حصل لهم
إخواني هذه قصه واقعية
فأنقذوا بقيه الأطفال
فانقذوا بقيه الأطفال
فأنقذوا بقيه الأطفال
منقول